بقلم: د. نهاد عياد
د. نهاد عياد
كاتبة ومدربة دولية معتمدة في التنمية الذاتية والوعي النفسي
أخصائية تحاليل طبية، وتغذية علاجية، وتجميل غير جراحي،
ومؤسسة «بصمة نهاد» في عالم التنمية البشرية
بعد أن أنهينا رحلتي تطوير الذات الداخلية والخارجية
انتقلنا معًا ضمن عالم " بصمة نهاد "
إلى أهم وأعمق مراحل التأثير في تكوين الإنسان .. رحلة الطفولة
فالطفولة ليست مجرد بداية زمنية للحياة
بل هي الجذر الذي تتفرّع منه كل ملامح النضج
فما يُبنى فيها يصعب تغييره لاحقًا
ولهذا كانت هذه الرحلة العميقة بمثابة عودةٍ إلى نقطة الانطلاق ..
لنفهم كيف تتكوّن بصمات النفس
وكيف تُزرع البذور التي تُشكّل ملامح الإنسان
الأمان، والثقة، والانتماء، والطمأنينة،
ثم مشاعر الحنان، والقدرة على الحب، والتعاطف،
تليها بذور القوة، والإرادة، والمرونة، والأمل،
ثم تنمو معها ملامح الصبر، والتحمّل، والمسؤولية،
وتتشكل عبرها ردود الفعل وطريقة التعامل مع الذات والعالم
ولأن الوعي هو ما يُرمّم ما تشوّه ويُغذّي ما نما
كان علينا أن نُدرك أن وعي الإنسان لا يبدأ من يوم ميلاده فحسب .. بل من لحظةٍ خفيّةٍ تتشكّل في رحم أمه .
ومن هناك أمضينا معًا في رحلتنا مرورًا بسنوات الفضول والتساؤلات
نرافق ونوجّه ونتطرّق إلى القيم التي تُغرس في تلك التربة النديّة
ونتنقّل بين النور والظل والتجربة والإلهام
لنكتشف معًا كيف يُرسم الطريق وتُنار الدروب
بذكرياتٍ لا تُنسى وبداياتٍ تظلّ نابضة بالحياة في أعماقنا .
ملخص بصمات رحلة الطفولة
بصمة نهاد ١١ – ما قبل الولادة – من رحم المشاعر تبدأ الحكاية
تناولنا فيها نفسية الأم الحامل وأثرها على الجنين
وكيف تتشكّل البذور الأولى من خلال ما تتلقّاه الأم سواء طمأنينةً أو اضطرابًا
فبذرة المناعة النفسية والجسدية للإنسان التي ترافقه طوال حياته .. تبدأ من رحم أمه .
بصمة نهاد ١٢ – الميلاد الأول – من اليوم الأول حتى ٣ سنوات
سنوات الميلاد الأولى ليست مجرّد أرقام تمرّ
بل هي حجر الأساس في تكوين الشخصية
فيها يتكوّن الارتباط العاطفي بالوالدين ويبدأ الطفل ببناء ثقته بالعالم
فكل احتضان وكل دفء وكل ابتسامة تمنحها لطفلك تُشكّل جزءًا من جدار الأمان الذي سيحميه في حياته
فأمان اليوم .. هو ثقة الغد .
بصمة نهاد ١٣ – فضول الطفولة – من ثلاث إلى ستة سنوات
تشجيع الطفل وتوجيهه دون قمع وزرع بذور الثقة بشخصيته
فالتوجيه الحكيم لا يعني أن تقول له: “توقّف”
بل أن تقول: “جرّب” وهو تحت رعايتك الحانية ليبقى في أمان
ففضول الطفولة ليس فوضى بل شرارة متقدة
إن أحسنت إشعالها صنعت لطفلك مستقبلًا مبدعًا لا يشوبه الانطفاء .
بصمة نهاد ١٤ – قيم الطفولة – البذور الأولى للضمير والمبادئ والمسؤولية
لا يتعلّم أطفالنا ما نخبرهم به بل ما يرونه فينا
فالقيم لا تُلقَّن بل تُعاش
ليدرك الطفل أنها أفعال تُمارس لا شعارات تُقال
فالقيم تُزرع بالتوجيه الديني
والمبادئ تُكتسب من القدوة
والمسؤولية تُنمّى من التجربة
بصمة نهاد ١٥ – ظلال الطفولة – حين تواجه التجربةُ براءةَ الطفولة
في المساحة الرمادية بين النور والظل
تبدأ أولى احتكاكات الطفل بالعالم الخارجي
يتأرجح بين الحب والخذلان الأمان والخوف التشجيع والتقليل
ويواجه تساؤلاته الأولى عن ذاته وعن الآخرين
هنا تظهر التحديات مثل:
الخوف المبكر، الإهمال العاطفي، المقارنة، الضغوط الأسرية، وتأثير القدوة المشوَّشة
وألقينا الضوء علي الجانب السلبي من الظلال التي قد تطيح بنا دون أن ندري تاركه في أعماقنا جراحاً
لكن إن أنصتنا إليها بوعي ملكنا زمام أمرنا مجددًا
إستناداً إلي
بصمة نهاد ٣ – حين يتكلم الألم – يتحول الأنين لحكمة لاضعف
( رحلة تطوير الذات الداخلية )
فما لم يُفهم في الطفولة يُعاد تمثيله في الكبر
إلى أن نختار أن نعي ونُصلح الأمور من جذورها
إستناداً آخر إلى
بصمة نهاد ٤ – خرائطنا الدفينة – حين نعي بوصلتها
( رحلة تطوير الذات الداخلية )
فهذه الظلال إمّا أن تُروَّض لتُطلق أجيالًا سوية،
أو تتوغّل لتصبح أشواكًا تهدد البناء النفسي بأكمله.
بصمة نهاد ١٦ – الطفولة الملهمة – حين نوجّه الظلال إلى طريق الإبداع
ألقينا الضوء علي أساسها الإيجابيّ
وكيف نحوّل الألم إلى طاقة إبداع استنادًا إلى
بصمة نهاد ٥ – القرار – حين لايعود الألم قائداً
( رحلة تطوير الذات الداخلية )
وتعلمنا أن لا نطالب أبناءنا بالكمال أو المثالية بل نوظف قدراتهم وتجاربهم حتى وإن كانت غير مرضية أو حتي فاشلة
فتأخرهم الدراسي، وتعثرهم في الحديث، وعدم قدرتهم على التفاعل الاجتماعي وغيرهم الكثير من العثرات
وحتى الحالات المرضية مع العلاج تحتاج إلى توجيه وصبر
فتوظيف الجوانب في أماكنها المناسبة يأتي بنتائج مذهلة
حتي نصل إلي درجة من الوعي ندرك به أن الطفولة — بكل ظلالها — اذا أردنا بأيدينا سنجعلها إلهام الحكاية
وهكذا نكون قد أتممنا هذه الرحلة المتفردة
بخطواتٍ واثقةٍ، سعيًا إلى ملامسة كل جانب من جوانبها.
فلعل أعظم ما يمكن أن نقدمه للعالم هو أن نجعل من بصمة الطفولة إرثًا حيًّا
يبني أجيالًا أكثر تماسكًا وعقولًا أكثر إشراقًا وقلوبًا أكثر رحمة
ليثمر وعيًا متجددًا وحضارةً لا تُمحى .
