الجيل الحالي: بين الانحدار المزخرف والتظاهر الزائف

صحفيون
By -

 


كتب: محمد عيسى السيد عبد العال


في زمن تتزاحم فيه صور السعادة على شاشات الهواتف، ويغلف الترف والانبهار الفارغ كل جانب من حياتنا، قد يبدو للبعض أننا نعيش في عصر من التطور والانفتاح. لكن الحقيقة المؤلمة أن كثيرًا مما نشهده ليس إلا انحدارًا متأنقًا.


جيل اليوم غارق في النفوذ والفلاتر، يعيش بين قيم مزيفة ومظاهر براقة، يظن أن الحياة مجرد لعبة صور ومقاطع قصيرة. العلاقات الإنسانية أصبحت عابرة، والأخلاق تُباع وتُشترى مقابل المال أو النفوذ أو الشهرة. أصبح الجسد سلعة، والسحر مجرد خدعة ملفوفة بابتسامة مزيفة، بينما يصدقها معظمنا.


الحياة الواقعية تتعرض للتهكم: رجال ونساء مفلسون عاطفيًا وماديًا، يسخر منهم المجتمع الرقمي، فيما يُظهر بعضهم عبر الإنترنت حياة مترفة مليئة بالرحلات والشمبانيا والأصدقاء البلاستيكيين. أما المعاناة الحقيقية، فهي تُترك خلف الكواليس، ويُستبدل البحث عن علاج للاكتئاب بالإغراق في المسكنات، الحبوب، المخدات، والمظاهر المزيفة.


أصبحت المظاهر البراقة مرادفًا للنجاح، والانضباط يُنظر إليه على أنه عائق، والفسق يُحتفى به كنوع من الحرية، والتدخين مجرد وسيلة لتخفيف التوتر. حتى المفاهيم الاجتماعية تغيرت؛ الطائفية صارت رمزًا للرجولة، والأبوة الحقيقية غائبة، والولاء مجرد شعار يُستبدل بالحسد والتحالفات المؤقتة.


في هذا الواقع، يمجد الجيل الضعف ويحتفي بالتمرد، ويسخر من الانضباط، ويكافئ الانحراف. التحدي الحقيقي اليوم هو تجاوز هذا الانحدار المزخرف، وبناء حياة قائمة على المبادئ الحقيقية، والولاء، والكرامة الشخصية.


ابنِ مملكتك الخاصة، احفظ اسمك، ودع الحمقى يذبلون في مقابرهم الرقمية. فالنجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد الإعجابات أو الرحلات، بل بالقيم التي تصنع الإنسان في خفاياه، بعيدًا عن أضواء الزيف.