"من طفلة تبحث عن الأمان… إلى امرأة واجهت سبع زيجات وخيانات حتى وجدت نفسها بين يدي الله"

صحفيون
By -


 

قصة قصيرة – للكاتبة هالة عمار


في عالم مليء بالظلال والوحدة، كنت أعيش وحيدة أبحث عن شريك روحي يفهمني دون كلمات. كانت حياتي سلسلة من اللحظات العابرة والذكريات البعيدة، وكان الشعور بالوحدة يغمرني كموجة هادئة. كنت أبحث عن صوت يهمس في أذني، وعن يد تمسك بي، وعن قلب ينبض بالقرب مني. كنت أبحث عن الحب، عن الأمان، وعن الشعور بالانتماء.


كنت طفلة صغيرة بلا أبٍ يحميني أو يرشدني. والدتي كانت تعمل بجد لتوفير ما نحتاجه، لكن الخوف كان يسكنني؛ من الظلام، ومن الأصوات العالية، ومن المستقبل المجهول. كنت أتمنى لو كان هناك أب يمسك بيدي ويخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام.


كبرت قليلًا وفهمت أن الحياة ليست سهلة. عانينا من ضغوط مالية، وكان الأمان الذي أبحث عنه غائبًا. كنت أجلس دائمًا في غرفتي، محاطة بالكتب والورق، أحلم برجل يملأ الفراغ في قلبي، يحبني بلا شروط، يفهمني دون كلمات، ويشاركني أحلامي.


وفي أحد الأيام، بينما كنت أجلس في مقهى صغير، رأيته… "سامي". رجل وسيم، ذكي، مثقف، يبتسم بسهولة ويتحدث بطلاقة. شعرت بانجذاب نحوه، ومع الأيام اكتشفت أننا نتشارك الاهتمامات. كان الحديث معه ممتعًا، والضحك لا ينقطع. شعرت أنني وجدت شريك حياتي.


بدأت أتغلب على مخاوفي معه، لكننا واجهنا تحديات؛ مشاكل في عمله وضغوط في حياتي. تخطينا بعضها، وقررت أن أستمر معه. تزوجنا، واعتقدت أنني تزوجت فتى أحلامي… حتى اكتشفت بعد ثلاثة أشهر أنه كذب بشأن عمله وماضيه. كانت صدمة، لكن حملي بتوأم جعلني أتمسك بالزواج.


خمس سنوات عشتها معه مليئة بالمشاكل. رفض الإنفاق على أبنائه، فلجأت للمحكمة، وحصلت على حكم بالنفقة. ومع الضغط، هرب سامي وتزوج من ابنة عمه الثرية وسافر معها تاركًا أبناءه.


تحملت المسؤولية وحدي. عملت في شركة عقارات سنة كاملة وسط مضايقات من بعض الزملاء، لكني قاومت وكنت قوية. وبعد عام ونصف، توفي سامي في حادث، تاركًا طفلة صغيرة وزوجة ثانية. قررت أن أربي الطفلة مع أبنائي، ووزع الميراث لاحقًا، فاستخدمته لتعليمهم جميعًا.


التقيت بمديري في العمل، كمال، رجل في الخمسين من عمره، مطلق ولديه ابن. أحببته وتزوجته في الأربعين من عمري. سبع سنوات من السعادة والهدوء عشناها، حتى عادت طليقته ريم لمحاولات استعادته. ومع الوقت، انجذب إليها وتزوجها دون علمي، فقررت الطلاق.


واصلت تربية أبنائي حتى تخرجوا من الجامعة. يحيى أصبح طبيبًا، وياسر ضابطًا، وسالي ابنة سامي التي ربيتها تزوجت ورُزقت بطفل. بعد أن استقلوا بحياتهم، شعرت بالفراغ.


ثم التقيت بأحمد، شاب في الخامسة والأربعين لم يتزوج من قبل، وتزوجنا رغم رفض أبنائي. لكن الخيانة كانت نهايته، فطلقته.


بعد بلوغي الستين، ذهبت للحج وهناك تعرفت على شيخ صالح وتزوجته. لكن بعد فترة، تم اعتقاله لأسباب سياسية، فطلبت الطلاق.


انتقلت للسعودية للعمل مع دكتور تجميل، وأجريت عمليات جعلتني أبدو أصغر بعشرين عامًا. تزوجت من شاب هندي في العشرينات، لكنه اكتشف سني الحقيقي وطلقني.


عدت إلى وطني، لكن أبنائي لم يتعرفوا علي بسبب تغيّر مظهري. قررت ارتداء النقاب والزهد في الدنيا، وكرست حياتي لعبادة الله وتربية أبنائي وأحفادي. درست الدين حتى حصلت على شهادة من معهد الدعوة، وأصبحت داعية مشهورة تحكي قصتي لتكون عبرة.


كنت أبحث عن الحب والأمان في رجل، لكني اكتشفت أن السعادة الحقيقية في بناء النفس وتحقيق الأهداف، والرضا بما قسمه الله.